بسم الله الرحمن الرحيم والصلاة والسلام على أشرف المرسلين سيدنا محمد عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم أما بعد:
******************************
******************
بانتهاء العشرية الذهبية للكرة الجزائرية في الثمانينات دخل المنتخب الجزائري مرحلة التسيير الكارثي والإنحدار الفني الحاد،هذا لأن العشرية الذهبية انتهت بتتويج قاري صريح حاول أن يعوض إخفاقا مرا في الصعود لكأس العالم في نفس السنة،شهدت تلك العشرية مشاركتين مونديالتين تباينتا في النتائج لكنهما اتفقتا على أن هؤلاء اللاعبين كانوا الأفضل في تاريخ إفريقيا وتوجوا المسيرة بأفضل لاعب في إفريقيا من فرانس فوتبول كانوا محليين كبلومي أو محترفين كماجر الذي نال اللقب بفضل تتويجه بلقب كأس أوروبا للأندية البطلة وبالعقب التاريخية في مرمى العملاق بايرن ميونيخ.........
إذا كانت تلك السنة بداية النهاية لجيل ذهبي صنع أمجاد الكرة الجزائرية فالعشرية التي بعدها كانت على نقيض الأولى وبشكل حاد فكل ما كان فيها هو الذهاب لأمم إفريقيا من أجل لعب ثلاث لقاءات وصنعت ملامحها المأساوية تضييع جعل الصعود إلى كأس العالم تقليدا أو المنافسة إلى آخر رمق على الصعود والمنافسة بقوة على لقب أمم إفريقيا.........
أما العشرية الحالية فكان منها من العشريتين خليط إذ صرنا نكافح فيها من أجل مجرد الوصول إلى أمم إفريقيا،لكنها حفلت بالصعود إلى كأس العالم ونصف نهائي أمم إفريقيا وخروج مشرف مثلما كان الخروج مشرفا
بين الإنجازات في تونس وفي التأهل إلى جنوب إفريقيا مر المنتخب الجزائري بلحظات من الخيبة جعلت الأمور تختلط على مسؤولي الإتحاد الجزائري فظنوا أن الحل في المدرب الأجنبي لكونهم اختاروا الطريق السهل الذي لا يوصل إلى شيء،ليتهم اتجهوا إلى مدارس تدريبية يشهد لها بالنجاح كالفرنسية أو الإيطالية أو البرتغالية،فاختارو أسوء المدربين ومن بلجيكا...كما بدأ العقم الفكري جليا عندما ظنوا أن اللاعبين القدامى كماجر وبلومي وفرقاني بإمكانهم قيادة دفة المنتخب،ورغم أن هذه الأسماء لامعة في سماء اللعب فهي لم تكن كذلك في سماء التدريب....!!هاته الأسماء ضحت بالمجان في التدريب عندما حاولت حرق المراحل في التدريب ولم يفعلها إلا مارادونا وهو من هو....!!.ضحت بما أنها جاءت في التوقيت الخطأوفي المكان الخطأ فلم يكن أحد ليتقبل أن يجعلوا المنتخب الوطني مطية لصنع إسم في عالم التدريب،في وقت شهدت فيه البطولة التي خرجت أمثالهم كوارث في التخطيط القاعدي وفي النتائج،هذا لم يمنع هاته الأسماء من المغامرة بمجرد الإسم الرنان دون أن يكون لها باع في التدريب،فهل كان لوران بلان مرشحا فوق العادة لقيادة الديكة لولا أنه أحرز لقب بطولة فرنسا مع بوردو وينافس اليوم على كأس الرابطة الفرنسية ويسعى للوصول إلى نصف نهائي رابطة أبطال أوروبا بعدما اكتسح العملاقين يوفنتوس وبايرن ميونيخ في دوري المجموعات...!!!،وهل كان قوارديولا مرشحا لقيادة المنتخب الإسباني الأفضل في العالم حاليا لولا أنه كان المدرب الأفضل في العالم حاليا بفضل سداسيته التاريخية مع برشلونة.....!!!!
لم تكن هاته الأسماء على جهل بواقع الكرة الجزائرية ولم يكن ينقصها احترام محترفينا لأن محترفينا الحاليين لن يصلوا إلى ماوصل إليه لاعبونا القدامى من الشهرة والمجد،ولم يكن مناخ العمل السيء كافيا لتبرير تلك الإخفاقات بما أن رجلا للتدريب يسمى سعدان عمل تقريبا في نفس الظروف ونجح فجاءت الإنجازات كلما جاء ورحلت برحيله........!!!
إن سيرة المنتخب الجزائري المليئة بالتناقضات الحادة هي مثال صارخ لما يستطيع أن يفعله المنتخب الجزائري حينما يكون متقدا بمدرب من طينة سعدان يطبق الأفكار التدريبية العصرية،يحتضن لاعبيه ويحظى باحترامهم.
لقد كان سعدان يخلف نفسه في كل مرة كملك لتدريب المنتخب الجزائري بعدما برهن على نجاحاته مع الأندية والمنتخبات منذ ثلاثة عقود،وقد اختار أقرب طريق للتفوق عندما انتشل المنتخب الجزائري من القاع بمناسبة دورة تونس فأخرج مصر من الدور الأول آنذاك،وعندما حاول الآخرون إيهامنا بعقدة النقص بما أننا لم نتأهل لأمم إفريقيا مرتين،اختار أقرب طريق للرد....!!! عن الطريق التأهل لكأس العالم على حساب بطل إفريقيا بالفوز عليه مرتين أكدت قهر منتخب الفراعنة في عز قوته،لقد رفع المصريون القيعة لسعدان على هزائمهم في سوسة والبليدة وأم درمان فيما لم يعترف لهم بفوزهم باعتداء في القاهرة وبكولسة في أنغولا......!!
عانى سعدان مع الصحافة الوطنية عناء تطاول الزبدة على السكين،فمرات ومرات حاولت بث الفتنة عبثا بما أنها لم تكن تعيش الزمن الفعلي للمنتخب الوطني تحت مبرارات حدث سابقا،ولم يفهم أحد سر تطاول الصحافة على سعدان في عز الإنجازات والحمد لله أنهم انشغلوا لفترة مع الإعلام المصري الذي يتطرف عادة مع العرب أكثر من تطرفه مع الإسرائيليين،صحافتنا لم تمانع من تسمية سعدان بسعدان لوميديتي عندما برر هزيمة مالاوي بالرطوبة العالية رغم أنه كان محقا بما أنه فاز لاحقا على مالي وكوت ديفوار،كما حاول بعض الصحافيين إعطاء سعدان دروسا في ضريبة الراتب رغم أن الرجل الذي يستعد لشد الرحال للمونديال يحتكر مع البرازيلي باريرا لقب أكثر مدرب شارك مع بلاده في كأس العالم باربع مشاركات،رغم هذا هو نفس الرجل الذي يتقاضى أضعف أجر مدرب في كأس العالم رغم أن خزينة الفاف امتلئت بفضل نتائجه وإشرافه وأقدام لاعبيه.
لم تتوقف معاناة سعدان مع الصحافة عند تسيير المباريات الرسمية فهي هولت من نتيجة مباراة صربيا الودية لتشن حملة شرسة ومنظمة،رغم أن الرجل برمج مباريات ودية في المستوى ويحضر بجدية لكأس العالم،والوديات هي لاكتشاف النقائص ولاتدل على ما سيحدث في كأس العالم،فالمنتخب الفرنسي أجرى عشرات المباريات الودية بين 1998و2002 لم ينهزم إلا في اثنتين أمام إسبانيا وأمام شيلي ورغم ذلك خرج من الدور الأول لكأس العالم،والبرازيل التي ذهبت لتلك الكأس بشق الأنفس بعد أن جربت عشرات اللاعبين حتى أنها جربت روماريو آنذاك تألقت في كأس العالم تلك وفازت بها والأرجنتين التي صعدت إليها بسهولة خرجت من الدور الأول.
عندما يختار الإتحاد الإفريقي المنتخب الجزائري كأفضل منتخب حالي وأفضل منتخب في اللعب الجماعي فهذا لأنه أكد علو كعبه على أشرس منتخب إفريقي آداء ونتيجة وهو ساحل العاج ولأنه حرم أفضل نجوم خط وسط أفارقة في العالم من الكرة ومن صنع اللعب ولأنه جعل بعبع القارة السينيغال يخرج من الدور التمهيدي ويحرمه من الذهاب لأمم إفريقيا ولأنه تألق أمام بطل إفريقيا مرتين بالفوز عليه مرتين والتأهل لكأس العالم على حسابه رغم الدسائس وكثرة الكمائن،هو ما يمكن أن نقول عنه أنه جعل منافسيه الأشد خبرة أشد ذهولا.