كيف تحقق الأم المرضع إدرار مثالي للحليب ؟
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن عملية إدرار الحليب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن عملية إدرار الحليب السلام عليكم ورحمة الله وبركاته إن عملية إدرار الحليب
إن عملية إدرار الحليب في ثدي الأم المرضع تتم من خلال آلية فيزيولوجية بالغة الدقة والتعقيد ، وهي هبة الله تعالى لمخلوقاته الصغار .. فالطفل الرضيع عندما يشم رائحة الحليب يدور برأسه باحثا عن مصدر الحليب ، وهذا المنعكس يسمى منعكس البحث والتنقيب Rooting Reflex ، فإذا لامس خده حلمة الثدي ، فتح فمه فوراً والتقم هذه الحلمة ، وبمجرد ملامسة هذه الحلمة لسقف حلق الرضيع ينشط منعكس آخر هو منعكس المص Sucking Reflex ، وما هو في الحقيقة إلا عملية عصر الجيوب الحليبية في منطقة الهالة فيتدفق منها الحليب إلى فم الطفل ، فإذا لامس الحليب فم الطفل بدأ منعكس آخر هو منعكس البلع Swallowing Reflex. وهكذا يتوالى تدفق الحليب ، وتتم رضاعة هذا المخلوق الضعيف …
ويجب أن يكون معلوما للأم المرضع ، بأن أفضل مدرر للحليب هو رضاعة الطفل من ثدي أمه بشكل منتظم بحيث يفرغ كامل الثدين ، وكلما كانت قدرة الطفل على المص أكبر ، وحاجته للحليب أكثر ، كلما كان إدرار الحليب أفضل ، ولذلك كلما كبر الطفل وتقدمت عملية الإرضاع كان الحليب أكثر ، وبالعكس فالحليب يقل إذا لم يرضعه الطفل وبقي مخزونا في صدر أمه . ولعل من أهم عوامل عدم كفاية حليب الأم هي : فقدان الأم للدعم والتشجيع ، وانعدام ثقتها بنفسها ، واعتقادها بعدم وجود حليب كافٍ فيها لإشباع رضيعها ( أي عوامل نفسية محبطة ) . ثم ضعف الطفل نفسه على مص الحليب وإفراغه من الثدين لأي سبب من الأسباب . من هنا كانت العوامل النفسية مهمة جدا للمرأة المرضع وخاصة ذات الطفل الأول ، فالإيمان والسعادة والهدوء والاسترخاء والثقة ، من أهم عوامل إدرار الحليب ، والعكس مع الخوف والقلق والتوتر.
وعلى الطبيب الحاذق أن يلحظ كل شواغل الأم ، ويزيل كافة أسباب قلقها ، ويجيب على كامل تساؤلاتها. فالأم تقلق وتخاف من أن طفلها يمكن أن يكون قد أصابه شيء غير طبيعي عندما : يبكي ، أو ينام كثيرا ، أو يعطس ، أو يقلس الحليب ( نوع من التقيؤ الخفيف ) …إلخ .
فإذا جاءها التطمين من الطبيب بأن الطفل يبكي لأنها الوسيلة الوحيدة لديه للتعبير عما يريد ، فلا داعٍ للخوف من البكاء ما لم يخرج عن حدوده المعقولة ، بدليل أنه يسكت عندما تلبي الأم حاجته من رضاعة وتنظيف وحمل من المهد … إلخ
وكذلك النوم للمواليد الجدد أمر طبيعي ، فمعدل نوم المولود الجديد قد يصل إلى أكثر من ستة عشر ساعة يوميا للأيام والأسابيع الأولى ، وخاصة إذا كانت أمه قد تناولت مهدئات أثناء الولادة ، ثم يقل بالتدريج ليصل إلى حوالي أربعة عشر ساعة يوميا في نهاية السنة الأولى ، وهكذا ، فلا داعي للقلق من هذه الناحية أيضا .
وأما العطاس ، فهو منعكس فيزيولوجي طبيعي لتنظيف المجاري التنفسية ، وكذلك القلس ( نوع من التقيؤ الخفيف )، أمر فيزيولوجي طبيعي ناجم عن رخاوة ولادية بسيطة في الصمام الفاصل ما بين المريء والمعدة ، سرعان ما يزول مع مرور الوقت ( غالبا في النصف الثاني من السنة الأولى) ، وهو غير مؤثر على نمو الطفل.
والأم تقلق وتخاف من أن لا يكون حليبها كافٍ وجيد لطفلها ، وتقلق أكثر عندما لا ترى أي حليب في ثديها في الأيام الأولى ، ما عدا بضع قطرات من مادة صمغية صفراء ، فإذا ما علمت بأن هذا هو السياق الطبيعي للأمور ، وبأن هذه المادة الصفراء ، التي هي اللبأ Colostrum ضرورية جدا لصحة الطفل ومناعته ، فإنها ستهدأ وترتاح بالتأكيد.
وكذلك تقلق وتخاف من احتقان الثدي وألم الحلم الناتج عن التدفق المفاجئ للحليب اعتبارا من اليوم الرابع ، وهذا أمر طبيعي أيضا ، فالحليب لا يدر إلا بعد إعطاء فرصة لمعدة الطفل أن تتوسع وتلفظ ما فيها من أوشاب كان الطفل قد ابتلعها وهو داخل رحم أمه ، وبالتالي تكون جاهزة لاستقبال الحليب ، ويكون الطفل نفسه مستعدا للرضاعة بعد أن تأقلم مع الوضع الجديد ، واستراح من معانات رحلته المريرة وكثير من الأمهات لا يرتحن لإرضاع أطفالهن في جو مفتوح وأمام الغرباء ، وهذا أمر عادي في مجتمعاتنا المحافظة ، وما أسهل أن تجد الأم المرضع مرطا يسترها ويستر رضيعها أثناء الرضاعة .
وأمهات يقلقن لنزول أوزان أطفالهن في الأسبوع الأول عن معدله لحظة الولادة ، وهذا أمر طبيعي ومتوقع ، إذا علمنا بأن الطفل في هذه الفترة غير ميال للرضاعة ، ويفضل الخلود للراحة والنوم ، في الوقت الذي يفقد فيه السوائل من خلال عملية التبخر عبر سطح جلده الواسع نسبيا ، وخاصة في أجوائنا الحارة ، من هنا فقد أكدنا في فقرة سابقة على ضرورة الانتباه لهذه النقطة بالذات ، والتفريق ما بين أجوائنا وأجواء البلاد التي درسنا فيها أو قرأنا كتبها ، وبالتالي عدم حرمان أطفالنا الأعزاء من قطرات الماء في صيف تموز المحرق ، وتعريضهم لما لا تحمد عقباه بدون مسوغ.
وأمهات يقلقن وهن في المستشفى ، حيث يفكرن بالبيت والأولاد من بعدهن. وأمهات يقلقن من مغادرة المستشفى وابتعادهن عن دعم الطبيب والممرضة ، وخاصة إذا كان المولود الأول