- كيف خفت المحاسبة على السلف الأول وكبرت علينا ؟؟
ذلك بسبب الجهل التام بمعنى المحاسبة ، فيا أيتها السائرة الى الله تبارك وتعالى وترجو النجاة غدا وترجى أن تسيرى بنفس قوة دفع الايمان بعد رمضان ولا ترتدى على أدبارك مهملة غدا ؟اعلمى معنى المحاسبة واعلمى أن للمحاسبة ثلاثة أركان : فهى مثل الفندق له ثلاثة أعمدة تقوم عليها فما هى ؟
1-أن تقايس بين نعمته عليك وجنايتك ، وتجرى المقارنة .
2-أن تعلم ما له عليك من حق العبودية ووجوب الطاعة واجتناب المعصية ، أى تعرف ما لك وما عليك فتؤدى ما عليك أما ما هو لك فواصل يقيناً
3-أن كل طاعة عملتها فرضيت عن نفسك فيها فهى عليك وأن كل معصية عيرت بها غيرك فهى اليك .
-اذا أردت أن تحاسب نفسك فلتعلم أن حسابك لنفسك اليوم مهما كان مُراً فهو أخف بكثير جدا من أن تقف بين يدى ربك يقول لك : فعلت ل ِ فماذا فعلت أنت ؟
-والمسألة ليست مسألة عتاب خال من الجزاء ، فعلت لك كذا فماذا فعلت أنت ؟ لا جواب ..وفعلت لك ماذا فعلت ؟ لا جواب ...فى النهاية هى النار ..فهو عتاب بعده جزاء .
-العاقل الذى يعلم أنه لابد أن يصل الى منزله فى يوم من الأيام لا يهمل أبدا هذه المحاسبة .
-أول شئ يلجم لسانك ويكسر قلبك ويجعل بصرك خاشعاً قى الأرض : أن تقايس بين نعم الله عليك وبين جنايتك ، هذا الركن فى الحقيقة كافى جدا لانهاء المسألة قال تعالى : وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الانسان لظلومٌ كفار "
" وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها إن الله لغفورٌ رحيم " – هذه الآية انتهت بأن الله غفور رحيم – لأنه سبحانه لو آخذنا بما قصرنا ما ترك على ظهرها من دابة .
= هنا فى هذه الآية الكريمة لفتة طريفة للعلماء كلمة نعمة هى مفردة فأنت لا تستطيع أن تعد ما بالنعمة الواحدة من النعم فكيف بالنعم كلها ؟؟ سبحان ربى الخلاق
فالعين هذه نعمة واحدة ولكن تشمل على نعم كثيرة .. الحدقة –الشبكية- الخلايا الدمعية الرموش بحركتها الدائمة لتوزيع الدمع والتخلص من الشوائب دون أن تتضايق من هذه الحركة المتصلة .........الخ كذلك نعمة البنكرياس والكبد والقلب ...والمخ ما هى هذه الذاكرة التى تحفظ القرآن كاملا ولا يتفلت حرف وتتذكر أحداث 50 أو 60 عام قال أحد الباحثين أنه لو أحضر ورقة بحجم الكرة الأرضية بملايين المرات لرسم خلايا المخ على أن تكون كل خلية تساوى سن قلم (نقطة )لن نحيط بعدد خلايا المخ ، " وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها أن الانسان لظلوم كفار " كل هذه النعم ويذهب لعبادة صنم أو حجر حقا انه ظلوم كفار !!!!
" وما بكم من نعمة فمن الله ثم اذا مسكم الضر فاليه تجئرون "
- فكل نعمة عليك فهى من الله ولكن يجب أن تعرف أن كل نعمة يكون فى مقابلها عمل وشكر فهى منّة ...وإلاّ فهى حُجّة . انتبه للكلام فهذا كلام غالى ونفيس ذكره العلماء فى كتبهم .
مثال : أعطاك الله نعمة الأولاد وحرم آخرين فاذا أديت الحق الذى عليك فى تربية الأولاد كانت منّة وتصل بهم الى الدرجات العليا من الجنة ، فكل ما يعمل ابنك حسنة أنت من علمته توضع فى صحيفتك ، قال تعالى :" الذين آمنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان ألحقنا بهم ذريتهم وما ألتناهم من أعمالهم من شئ كل امرئ بما كسب رهين " وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إن الرجل ليصل الى الدرجة فى الجنة يقول يارب ما عملت لها ؟ قال : هذا باستغفار ولدك لك " ولابد ان يكون الولد صالح ليُقبل منه .
وإذا لم تقم بما أوجبه الله عز وجل عليك من رعاية النعمة كانت حُجّة عليكِ .
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" يُؤتى بالرجل يوم القيامة فيقول الله عز وجل له : أي فُلْ ألم أذ1رك ترأس وتربع وأُزوجك النساء وأركبك الخيل والابل أين شكرك ؟ قال : أي ربى نسيت ، قال : اليوم أنساك . "
-نرى كثير من العباد يلومون الله على ما نزل بهم ( لم أنا يارب ؟ ماذا فعلت لأبتلى ؟ ) ويعترضون على قضاء الله مع أنه سبحانه يوم ابتلاه بهذه المصيبة قصد أن يؤوبه ويرجعه فهلا رجع ؟ وهلا قال أنا مخطئ ؟ وهلا قال اللهم بك أستجيرفاكشف عنى ، والله عز وجل ودود فلو قال هذا كان رفع عنه ، كان من الواجب اظهار الذل والاخبات والندم ولكن قست قلوبهم .
-جاء أحدهم لأحد العلماء يشكو الفقر فقال له : أتريد سمعك بمئة ألف ؟ قال : لا قال له : أتريد بصرك بمئة ألف ؟ قال : لا . قال له : ورجلك ويدك وقلبك ........الخ قال : لا .قال له العالم : عندك مئين ألوف وجئت تشكو الفقر ؟!!! كل هذه المليارات . فأنت أيها الانسان غالى جدا . قال تعالى :" وفى أنفسكم أفلا تبصرون " فلو ملك أحدهم الدنيا وفقد بصره فيدفع كل ما يملك ليعود اليه بصره .
-وقيل أن هارون الرشيد أخر صلاة العصر مدة نصف ساعة ، وكان قديما الحكام والملوك يقربون العلماء منهم لنصحم ومشورتهم ، فأراد أبو يوسف العالم أن يقوم بما أوجبه الله تعالى عليه من النصح فقال له : لو أنك تسير فى صحراء واستبد بك العطش وظهر لك أحدهم بكوب ماء وقال لك أتشترى ؟ فكم تدفع ؟ قال له : أدفع نصف مملكتى ( وما هى مملكة هارون الرشيد ؟ كان يخطب على المنبر فيرى السحابة تمر فيقول لها : أمطرى هنا او أمطرى هناك فسيأتينى خراجك )
قال له العالم : شربت الماء ثم انحبس فيك البول فكم تدفع ليعالجك طبيب ؟ قال له : النصف الآخر . قال أبو يوسف : يا أمير المؤمنين مملكة لا تساوى شربة ماء، الله سقاكاها مجانا وصرفها لك مجانا .
•انتبه لا تقابل نعم الله بجنايتك .
• ما وجدنا أعبد من نبينا محمد صلى الله عليه وسلم كان يصلى حتى تتورم قدماه ، ويقول : " أفلا أكون عبدا شكورا " وهذه هى سيما أهل الوفاء .
•ومع ذلك يقول صلى الله عليه وسلم : " اعلموا أنه لن يدخل أحد منكم الجنة بعمله ، قالوا : ولا أنت يا رسول الله ؟ قال : ولا أنا إلا أن يتغمدنى الله برحمته "
فأنت عندما تستحضر أن النبى صلى الله عليه وسلم مع جلالة قدره وعظم عبادتة ومكانته عند ربه لن يدخل الجنة بعمله ...اذا اغسل يدك وابحث لنفسكِ عن مخرج فعملك لن يوصلك .. اللهم عاملنا بالفضل ولا تعاملنا بالعدل .
نعود الى الركن الأول من أركان المحاسبة : مقايسة نعم الله بجنايتكِ
" وان تعدوا نعمة الله لا تحصوها "
الله عز وجل عجزنا أن نحيط بالنعم فى النعمة الواحدة كيف بل النعم ؟!!!
اذاً يا ربى كيف أوفى كل هذه النعم بالشكر ؟؟؟؟؟؟؟؟
قال ابن تيمية :" اذا عملت طاعة فلم تقبل منك فاتهم نفسك فإن الرب شكور "
فلو أن الانسان عنده ضمير وأخلاق أعتقد أن هذا الركن يكون كافيا لأن يرجع الى الله عز وجل ولا يقيم على معاصى الله طرفة عين