لقد تأخر ظهور الرواية الفلسطينية في الأرض المحتلة عام 1967 حيث سبقتها القصة القصيرة إلى الوجود ، وهذا نابع في الأساس من طبيعة الرواية كعمل أدبي وفن جماهيري قائم على تنوع وتعدد الشخصيات ورصد تطورها من خلال الأحداث ، على معالجة القضايا والمتغيرات الاجتماعية والاقتصادية والنفسية .
ورواية "الصبار" للروائية سحر خليفة هي أول رواية صدرت في المناطق المحتلة ، وتناولت مرحلة هامة من حياة الجماهير الشعبية الفلسطينية، ووضعتنا من خلالها أمام معضلة خروج العمال الفلسطينيين إلى اسرائيل بحثاً عن العمل من أجل توفير رغيف الخبز والحليب، تلاها عبداللـه تايه بروايته "الذين يبحثون عن الشمس " وهي رواية بعيدة عن الواقع المعاش في قطاع غزة ومخيمات البؤس والشقاء والألم . ثم صدرت رواية "الطوق" لغريب عسقلاني وتدور أحداثها في المخيم الفلسطيني وهي تصوّر تبلور الشخصية الفلسطينية وتطورها وانتقالها من حالة الصمت والانكفاء إلى المقاومة والنضال والمواجهة ضد الاحتلال.بعد ذلك صدر لسحر خليفة رواية "عباد الشمس" ولعلي الخليلي رواية"المفاتيح تدور في الأقفال" وهي رواية ذات رؤية سياسية واجتماعية متميزة .
ثم تواصل صدور الأعمال الروائية في الضفة الغربية وقطاع غزة وظهرت أسماء روائية احتلت مكاناً هاماً في الرواية الفلسطينية منها روايات احمد حرب واحمد رفيق عوض(فكري خليفة) وعزت الغزاوي ومحمود شقير وجمال بنورة وأسعد الأسعد وغيرهم .
ومن السمات والخصائص والملامح الأساسية لبواكير الرواية الفلسطينية ما يلي:
ـ الارتباط بالهم السياسي والاجتماعي وتبني قضايا الجماهير العمالية والفلاحية ، وابراز الوعي الطبقي والدعوة إلى النضال ضد الاحتلال والتمسك بالأرض والمستقبل.
ـ اظهار قضية تحرير المرأة من ربقة الاستغلال والقهر الطبقي والالتزام بالموقف الوطني والسياسي والايديولوجي لمختلف الفئات والقوى السياسية والفعاليات الوطنية والنخب الفكرية الطليعية في المجتمع الفلسطيني.
ـ وضوح الرؤية،والدفء الإنساني، واستكشاف المستقبل، ومناصرة قضايا الفقراء والكادحين والشغيلة.
ـ التجديد في الأدوات الفنية ومواكبة التقنيات المعاصرة في الفن الروائي المعاصر ، واللجوء إلى الرمز ووتكثيف الصور وتوظيف الموروث الشعبي.
ومجمل القول، ان الرواية الفلسطينية في الوطن المحتل أخذت دورها الفعال إلى جانب القصة والقصيدة وتطورت ،شكلاً ومضموناً، وكان لصدور الكم الهائل من الروايات الفلسطينية أثر هام في وضع هذه الرواية نحو الالتزام الجاد والواعي بالأرض والوطن والهوية والانحياز التام إلى الإنسان الشعبي المسحوق والمقهور والمستلب، وطنياً وطبقياً ، وتأصيل الاتجاه الواقعي في الفن الروائي والقصصي الفلسطيني، والتصميم على العمل الجماعي من أجل الوصول إلى تحقيق الأهداف والأماني والتطلعات الوطنية والحلم المستقبلي.