بسم الله الرحمن الرحيم
نهاية المشهد ..أليم ، مخزٍ ، مُحير ، مَرير ..لو جُمعت كل أوصاف الدناءة فلن يشمله.
بداية المشهد ..كنت على متن الحافلة ، وعند وصولي الى محطة السكوار ، ركب ابن خالي كمال ، وهو طبيب في عيادة عامة ،.. هو عائد للمنزل بعد مناوبة ليلية
أهلا كمال: كيف قضيت ليلتك..
كمال :اليوم قضيت يا محمد ليلةً ليست كباقي الليالي ..اليوم أدركت أننا ..! لسنا بخير ..اليوم توقف رأسي عن تحديد مفاهيم العقل والرجحان ..
أفزعتني ..ماذا حدث ؟
دخل علي رجل وزوجه وابنتهما ..الفتاة صاحبة الرابعة وعشرين ربيعا ، كانت تشتكي من آلام في المعدة ..سألتهم هل أكلت شيئا معينا ، فأجابوا بلا ! أصعدتها على الطاولة ، كانت تصرخ بمرارة ..حيرتني حالتها حقا ، فحصتها فحصا سطحيا ، لكونها كانت تلبس معطفا خشنا وطويلا ، ..سألت الوالد عن لقبه واسم ابنتــه ..
أتعلم يا محمد :من عادتي أحيانا وعند التعب وتتابع المرضى أن لا أسجل أسماءهم دائما ، لكني فعلت ذلك البارحة ..
فجأة طلبت الفتاة من أمها أن تأخدها الى الحمام ...،أما أنا فشغلني كثرة المرضى وخاصة أن الحي شعبي، فغالبا ماأعاين كل ليلة حوالي التسعين مريضا ..
بعد مدة ليست بالطويلة ، وبعد خلوا قاعة الانتظار من المرضى ، سألت المساعد الطبي ، أين تلك الفتاة التي كانت تشتكي من بطنها ..أجاب أحدهم ، لقد خرجت يا طبيب
بعدها بمدة وجيزة ..أيها الطبيب؟ أيها الطبيب؟ ..تعالى من فضلك ..
اتجهت نحوه ولا أدري ما كان ينتظرني ...كان المساعد في الحمام ...قال لي : أنظر يا كمال وقد كانت نبرة صوته قد تغيرت...
قلت أين ..قال أنظر جيدا ...
الله أكبر ..لاحول ولا قوة الا بالله ...
أتدري يا محمد ماذا وجدت ...
وجدت رضيعا صغيرا محشورا داخل دورة المياه ...
بل وكان رأسه في الأسفل....أقسم أنني لم أصدق ما رأيت ...
اتصلنا مباشرة بالشرطة ...كنت متأكدا أنها تلك الفتاة ..فأمرها لم يكن طبيعيا ...
حمدت الله أنني كتبت اسمها ولقبها ..تيقنت أن والدها لم يكن على علم بحالها ، والا ما كان أعطاني لقبه ، بل كان رجلا كبيرا في السن وطيبا ..
من مفارقات الأمور أن تلك العائلة هي من معارف أحد حراس العيادة ..ولم يكن دوره في العمل الا أنه كان مع حارس آخر يلعبون النرد...فأخبرنا أين يقطنان لأنه هو من أحضرهم للعيادة.
أما أنا فقد أحضرت قطعة قماش كبيرة وأخرجت ذاك الجسد البريئ..أخرجته وآثار الكدمات بادية على رأسه ..تحيرت حقا كيف لم نسمع صوت الجنين وصراخه..لكن عند معاينتي لحاله أيقنت أنها خنقته خنقا كي لا نسمع صوته ..المسكين
لن أزيد على هذا ...لن أزيد كيف كانت أحوال واليدها ..ولن أزيد عن حالة الأخ الأكبر الذي أقسم بالله لائن ظفر بها ليقتلنها...
هذه هي الحياة ...
انه لمصاب جلل حقا ...لم أجد الكلمات ..ردة فعلي كانت بالملامح اتجاه ابن خالي ...
انه حقا مشهد من مشاهد الحياة ..
الله أعلم بحال تلك الفتاة ...غفر الله لهــا ...ولمن كان سببا لحالها...وحال وليدها
لكن السؤال الذي خالجني بعدها : هل كانت هناك قصة قبل هذه القصة ؟ قد رويت لكم نهاية مشهد ؟ رويت لكم نهاية البداية المؤلمة ؟
فكيف كانت بداية البداية ؟
الجــواب عند تلك الفتــاة